مظاهر تكريم الإنسان في الإسلام

إن الله عز و جل حينما خلق الإنسان وبث فيه الروح كرمه وأعلى مكانته و كان لهذا التكريم مظاهر عديدة، فأول هذه المظاهر هو إستخلاف الإنسان في الأرض، فحينما خلق الله الإنسان جعله خليفة في الأرض وأعطاه من القدرات والطاقات ما يعينه على القيام بأعباء هذا المنصب العظيم أهمها العلم والعقل كما في قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة آية 30 .

كما كرم الله أيضاً بني آدم بأن جعل الملائكة يسجدون لآدم سجود تكريم وسجل ذلك القرآن في قوله تعالى (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَىٰ وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) البقرة آية 34 .

ثم تفضل الله على الإنسان بأن خلق السماوات والأرض و أبدع صنعها بما فيها من مجرات وأفلاك و نجوم وغيوم وشمس وقمر و بحر وبر و جعلها مسخرة للإنسان و معينة له على حياته وسعادته والقيام بالمهمة العظمى ألا وهي خلافته في الأرض.

ثم إن الله عز وجل قد جعل الغاية الأساسية من خلق الإنسان هي عبادته و توحيده وعدم إشراك غيره معه في عبادته كما في قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات 56 وقد كان الناس على فطرة التوحيد النقية من عهد آدم عليه السلام حتى مضت عدة قرون فاعترى الناس الشرك بالله و عبادة الأوثان فأرسل الله الرسل والأنبياء مصلحين للناس عقائدهم ومصححين لهم ديانتهم و أنزل الكتب السماوية والصحف، فكان من تكريم الله للإنسان بأن جعله محور الرسالات السماوية وغايتها و هدفها.

إن من أعظم مظاهر التكريم التي يرزق بها الانسان هي الإيمان والعبادة، فإن الإيمان أعظم صلة بين العبد وخالقه و أعظم حلية يحلى بها و الإيمان كالشجرة لا يطيب ثمرها ولا يطول ظلها إلا حينما تسقى بماء العبادة والطاعة ، واتصال ذكر الإيمان والعبادة والطاعة ظهر جليا في عدة مواضع من القرآن كما في قوله تعالى (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) سورة العصر.

ومن مظاهر التكريم الجلية الواضحة هي تكريم الإنسان بالعقل، فالعقل مناط التكليف وما يميز الإنسان عن البهائم و الدواب وهو أساس لمظهر آخر من مظاهر التكريم وهو العلم، فلا علم يحصل إلا لكل ذي عقل، فحينما كرم الله الإنسان بالعلم والعقل جهل هاتين الصفتين بابين عظيمين فتحت على الإنسان بفضل الله من العلوم والمخترعات والإنجازات مالم يفتح على غيرها من سائر المخلوقات فتبارك الله أحسن الخالقين.

نايف حسين المطيري

 

درسنا مادة حقوق الإنسان فأحببنا مشاركتكم ببعض الفوائد و نتقبل آراءكم بصدر رحب