الحقيقة خلف هجوم الوزغة

الموضوع في 'حياة طالب' بواسطة DAMNED CAPTCHA!, بتاريخ ‏9 يوليو 2012.

  1. DAMNED CAPTCHA!

    انضم:
    ‏26 يناير 2012
    المشاركات:
    406
    التقييمات:
    +128 / 0 / -11

    في صباح يوم الأحد الموافق التاسع عشر من شعبان، كنت أمضي بعض الوقت في مجلس بيتنا، أتمتع بالصباح الجميل من خلال النوافذ وأعِدُ نفسي بيومٍ حافل. لم أعلم أن يوماً بهذا الجمال سيكون يوماً يقول عنه المؤرخون أنه اليوم الذي اقترفت فيه أكبر خطأٍ في حياتي، وليس ذلك اليوم هو الذي وجّهت فيه صاروخاً إلى كتلةٍ من الرمل فارتد عليّ وأصابني في مؤخرتي بعد محاولة الهروب.

    في ذلك الصباح الجميل، كنت أفكر في مستقبلي. ماذا أفعل؟ هل اخترت الخيار الصحيح؟ كنت في حيرة من أمري أمشي و أدور يميناً ويساراً! لم يفرغ عقلي لما رأته عيناي من رعب تراه كل مرةٍ أواجه ذلك الحائط. ما ذنبي! وهل لعقل طالب البترول من راحة؟ ولكن، كان يجب أن أستمع إلى عيناي، إن كنت فعلت ذلك لما كنت في هذا الموقف.

    لا أعلم لماذا، لكنني سمعت صرخات عيناي في تلك المرة. توقف نَفَسي للحظة ودقّ قلبي دقة أخيرة لما رأيت. لقد كانت "وزغة" على الحائط. متوسطة الحجم مقبلة في العمر لا زالت عيناها تشعّ بأحلامها و طموحاتها. لم أعلم ما أفعل! شعرت عندها بإحساس فيربال كنت عندما قال " كيف أصيب الشيطان من خلفه؟ ماذا لو أخفقت ؟ "

    قررت عندها أن أسدّ باب الشر وأغلق باب المجلس، وأنتظر النجدة من أحد أفراد العائلة. ولكن يا لي من أحمق! لأنني قررت الاعتماد على عقلي لتذكر ذلك ولم أعلّق أي ملاحظة على الباب. وكما قلت، فهل لعقل طالب البترول من راحة؟

    في تلك الليلة، كنت مع والدتي في المجلس بعد أن نسيت إخبار أحدٍ بالمصيبة. منسدحاً لست ملقياً أي بال أستمتع برفقة أمي التي لا أحظى بها كثيراً. عندها، عندما فرغ عقلي أخيراً تذكرت المصيبة. هرعت إلى السوق على أوامر والدتي لإحضار مبيد حشري، لم نجد "الوزغة" ولكننا قررنا تفجير المكان بالمبيد وحبس المتسلل في ذلك الجحيم الذي صنعناه!
    "أكيد بتموت الوزغة" لم أعلم حماقة ما قلت حتى اليوم.


    في صباح يوم الاثنين الموافق العشرين من شعبان، استيقظت في غرفتي بالساعة الثامنة صباحاً بعد نسيان ما مضى بالأمس. ذهبت لكي أحضر الفطور وعند عودتي يبدو أنني تعلمت أن أستمع إلى عيناي، فلما نظرت إلى ستارة غرفتي المشمسة رأيت ظلاً خفيفاً لا يكاد أن يرى. نعم، إنها الوزغة ذاتها مختبئة وراء الستارة. إنها هيا بعينها! وهل لعينيّ أن تكذب في هذا الأمر؟

    لا أعلم كيف نجت ولكنها فعلتها، وأتت الآن لكي تنتقم من الذي حبسها في ذلك الجحيم! و لا أعلم إن كانت ستذهب إلى والدتي بعدي لكنني لم أكن سأسمح بذلك!

    يبدو أن الوزغة كانت مستمتعة في مكانها. لم تتحرك! أبداً. لم اعلم ما كانت تفعل! "ممكن تتشمس" قلت في نفسي مستهزئا.
    عندها تذكرت أحد الكتب التي قرأتها في هذا الصيف. إنه كتاب " فن الحرب " لـ تسون زو يقدمه ويعلّق عليه "أحمد ناصيف" و هذه النسخة من إصدارات دار الكتاب العربي في مصر وذلك بلا شك يعني أن الكتاب لا يعرف الفرق بين الألف المقصورة والياء!

    إنه أحد أهم مائة كتاب في التاريخ! إن الكتاب يتحدث عن أفضل طرق تحقيق النصر بأقلّ الخسائر. مبادئه تستعمل إلى يومنا هذا وليس فقط في الحرب بل في التجارة السياسة والاقتصاد! بدأت أتصفح الكتاب محاولاً تلخيص ما قرأته لأستجمع قواي كي أبيد هذه الوزغة اللعينة! لكنني علمت أن الأمر أبسط بكثير مما تخيلت. لست بحاجة إلى كتاب من أقدم العصور. كلمات والدتي لازالت تترد في ذاكرتي.

    ......................
    "ليلى! طفّي المكنسة شوي و تعالي..همم..يعني..احتاج منك خدمة"
    ......................

    ياللعار! كيف لرجل في عزّ شبابه أن يطلب من الخادمة الضعيفة أن تقتل الوزغة في غرفته! لكن لم يكن لي خيار آخر لأنني لا أستطيع عصيان أوامر والدتي مهما كان.

    دخلت أنا والخادمة الغرفة وفتحنا الإضاءة، عندها فقط عندها شعرت الوزغة بالخطر و تحرّكت قليلاً. الأمر مريب، ماذا تفعل الوزغة هنالك؟ لم أكن اعلم. فتحنا الستارة وعندها للمرة الثانية التقينا وجه لوجه! قررنا فتح النافذة لعل وعسى أن تهرب الوزغة و لا نضطر إلى خوض المعركة. لكنها انحاشت إلى اليسار خلف السرير. عندها ذهبت أنا و الخادمة لإحضار أحد أهم أسلحة المنازل منذ أقدم العصور ضد جميع أنواع المتسللين من الحشرات وغيرها. إنها المسّاحة الأسطورية، تقوم بفصل جميع أنواع الكائنات إلى جزئين في ثواني!

    عند عودتنا للغرفة وجدنا الوزغة عند المكيف إلى اليمين من النافذة! لماذا ذهبت هناك؟ لم أعلم حينها. صرخت الخادمة " بسم الله !!! " واندفعت حاملة المسّاحة بقوة وعزيمة وقطعت الوزغة إلى جزئين! لازال ذيلها يناضل يريد الحياة. شكرت الخادمة على خدمتها البطولية، أغلقت النافذة، أعددت بعض الشاي وعدت إلى عملي. ظننت أن الأمر انتهى..يا لي من أحمق!

    في لحظة سكون ، بدأت أفكر بالأمر. كيف و لماذا ذهبت الوزغة من خلف السرير إلى المكيف على مرأى النظر! لقد كانت تستطيع عمل هروب تكتيكي من تحت أقدمنا في موقعها خلف السرير..عندها نظرت إلى أعلى ولم أصدق ما رأيت..إنها الوزغة ذاتها! عند قمة الباب..تنظر إليّ نظرات تحمل معاني الحقد والبغض..هربت الوزغة سريعاً عندما وقفت، وقبل أن أستطيع الخروج من الغرفة فهمت كل شيء.

    علمت لماذا وكيف استطاعت النجاة..علمت ماذا كانت تفعل عند النافذة طوال الصباح...علمت كيف ولماذا اختفت من خلف السرير وكشفت نفسها...إنها لم تختفي من خلف السرير! إنها واقعةٌ في الحب. لقد كانت تحاول التواصل مع حبيبها الذي كان يُطبخ حياً بأشعة الشمس في الجهة الأخرى من النافذة! لهذا كانت عزيمتها قوية واستطاعت الهروب من المجلس لكي تقابله في الصباح التالي! لهذا حاولت الهروب من خلال النافذة مع حبيبها؟! لا!! لأنها عبرت النافذة وذهبت إلى الجهة الأخرى بدون أن تخرج منها! ماذا حدث إذن؟! لم تتحرك إنشاً واحداً من الخوف! و لكن لم يكن في قلب حبيبها أن يراها تموت عندما ذهبنا خلفها! لقد نسيتُ النافذة المفتوحة! لقد دخل ووضع نفسه محل الأنظار مضحياً بحياته لأجل حبيبته! لم أستطع الحراك لهول ما علمت.

    لا أعلم ما مصيري الآن. في مكان ما، في هذه المدينة تمضي هذه الوزغة في كل مكان تحكي قصّة البطل الذي ضحى بحياته لأجلها. تحكي قصة الإنسان الشرير الذي أنهى قصة حبهما. تحكي وعود الانتقام لأبناء جنسها. وتبني جيشاً لأخذ حق حبيبها.
    لا أعلم ما مصيري، لكنني أعلم أن النهاية قريبة.
     
جاري تحميل الصفحة...
مواضيع شبيهة - الحقيقة خلف هجوم الوزغة
  1. ذا الكفل
    الردود:
    100
    المشاهدات:
    12,432
  2. abu raad
    الردود:
    1
    المشاهدات:
    509
  3. s2009xxxxx
    الردود:
    157
    المشاهدات:
    13,806
  4. 3mooor
    الردود:
    1
    المشاهدات:
    717
  5. hussaimk
    الردود:
    17
    المشاهدات:
    5,405
  6. kataloni
    الردود:
    0
    المشاهدات:
    420
  7. بو سامي
    الردود:
    10
    المشاهدات:
    1,047
  8. Bo5Bo5
    الردود:
    0
    المشاهدات:
    667
  9. هاكونا ماتاتا
    الردود:
    1
    المشاهدات:
    810
  10. kataloni
    الردود:
    2
    المشاهدات:
    803

مشاركة هذه الصفحة