قرأت لكم .. ( المعتمد بن عباد ) ،،

الموضوع في 'الحوار الجاد' بواسطة meshary26, بتاريخ ‏19 ديسمبر 2008.

  1. meshary26

    meshary26 عضو

    انضم:
    ‏18 مارس 2007
    المشاركات:
    129
    التقييمات:
    +3 / 0 / -0
    كان المعتمد بن عباد ملكاً من ملوك الطوائف ، وكان شاعراً أديباً و فارساً كريماً ،
    يرجع في نسبه إلى المنذر بن ماء السماء . كان ملك أشبيلية وهو أحد الملوك الذين تخاذلوا عن طليطلة فسقطت بيد القشتاليين وكانت طليطلة هي أولى حبات عقد مدن الأندلس التي تساقطت واحدة تلو الأخرى . كان في الثلاثين من عمره عندما أسر .

    كانت مملكته تموج بالأدباء والشعراء الذين كانوا يتوافدون عليه طمعاً ولعلمهم بأنه
    شاعر فذ . و هو صاحب المقولة الشهيرة ( رعي الإبل خير من رعي الخنازير ) ولها قصة
    وهي :
    عندما استعان بابن تاشفين وبدولة المرابطين على القشتاليين النصارى الذين خانوا العهد معه
    وطمعوا في مملكته ولتخاذل ملوك الطوائف جميعاً ولما كان بينهم من الفرقة والخيانات المتبادلة
    ولأن ذلك كان سيؤدي لانتصار القشتاليين اتخذ ابن تاشفين قراراً بالاستيلاء على ممالك ملوك
    الطوائف جميعاً وضمها إلى دولة المرابطين التي كان مقرها في المغرب ، ونتيجة لذلك أسر
    شاعرنا الملك مع بقية ملوك الطوائف وأودعوا السجن في أغمات ..

    ومن شعره رثاؤه في ابنيه بـ قصيدة تنزف دمعاً :

    يقولون صــــبراً لاسبيل إلى الصبر *** سأبكي، وأبكي ما تطاول من عمري

    توليــتمـــا والــسن بعد صـــــغـيـرة *** ولم تلــبث الأيام أن صــغَّرت قدري

    تولَيتـــما حيــن انتهـــت بكما العُــلا *** إٍلى غاية ، كـــلٌ إلى غــايةٍ يجري

    فلو عُدتُما لاخترتُما الـعود في الثرى *** إذا أنـــتُما أبصرتمــــاني في الأسرِ‏

    يُعيد على سمعي الحديد نشــيده *** ‏ثقيلاً فتـــبكي العـــينُ بالجـــشِّ والنَـــقر ‏

    معي الأخــوات الهـالكاتُ علــــيكما *** وأمَكُما الثَـــكلى المــضرَمةُ الصَدر ‏

    فتــبكي بدمـــع ليس للقـــطر مـــثلُه *** وتزجرُها التقوى فتُصغي إلى الزَجر


    وعندما رأى بناته ذات مرة في العيد ثارت أشجانه وقال :


    فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا *** وكـان عــيـدك باللــــذات معــمـورا

    وكنت تحســـب أن العيــد مسعـدةٌ *** فــساءك العيد في أغمـات مأسـورا

    ترى بنــاتك في الأطـمـار جائعـةً *** في لبسـهنّ رأيــت الفقـر مسطـورا

    معاشهـنّ بعيـد العـــــزّ ممـتهـنٌ *** يغزلن للنـاس لا يـملكـــن قطميـرا

    برزن نحـوك للتـــسليـم خاشعــةً *** عـــيونهـنّ فعـــاد القلـب موتـــورا

    قد أُغمضت بعد أن كانت مــفتّــرةً *** أبصارهـنّ حــسيـراتٍ مكاســــيـرا

    يطأن في الطـين والأقــدام حافيـةً *** تشــكو فراق حـــذاءٍ كـان موفــورا

    قد لوّثت بيـد الأقـذاء و اتـسخـت *** كأنـــها لـم تطـــأ مســكـاً وكـافـورا

    لا خدّ إلا ويشكو الجـدب ظاهـره *** وقــبل كــان بمـاء الـورد مــغمـورا

    لكنه بسيـول الحــــزن مُخــتـرقٌ *** ولــيــس إلا مع الأنـفـاس ممطـورا

    أفطرت في العيد لا عادت إسـاءتُه *** ولــست يا عـيدُ مني اليـوم معـذورا

    وكنت تحسب أن الفـطـر مُبــتَهَـجٌ *** فعـاد فطـــرك للأكــبـاد تــفـــطيـرا

    قد كان دهرك إن تأمــــره ممتثـلاً *** لما أمرت وكـان الفــعـلُ مبـــرورا

    وكم حكمت على الأقوامِ في صلفٍ *** فــــردّك الـــدهـر مـنهيـاً ومأمـورا

    من بــــات بعدك في ملكٍ يسرّ بـه *** أو بــات يهــنـأ باللـــذات مسـرورا

    ولم تعظه عــوادي الدهر إذ وقعت *** فإنـــما بات في الأحـــلام مغـرورا


    ولما كان المعتمد في حبسه بأغمات، اتفق أن أم بنيه اعتلت ـ أي مرضت ـ وكان الوزير الطبيب
    أبو العلاء زهر بن عبد الملك بن زهر الإيادي بمراكش قد استدعاه ابن تاشفين لعلاجه فكتب
    إليه المعتمد راغباً في علاج السيدة ومطالعة أحوالها بنفسه فكتب إليه الوزير مؤدياً حقه ومجيباً
    له عن رسالته ومسعفاً له في طلبته واتفق أن دعا له في أثناء الرسالة بطول البقاء، وكتب إليه
    المعتمد إثر ذلك بهذه الأبيات، وذكر قصة غريبة وهي: أن أكرم بناته ألجأها الحَين إلى استدعاء
    غزل بأجرة تسد بعض خلتها، فأُدخل إليها في جملة ما أخرج غزل لبنت عريف شرطته المنتقل
    إليه من دولة غرناطة، وعلم الأمر بعد ذلك فتعجب من تقلب الدهر.

    وفي ذلك يقول للوزير المذكور :

    دعا لي بالبقاء وكـيف يـــهوى *** أســـــــيرٌ أن يطول به البقاء

    أليس المـــوت أروح من حيـاةٍ *** يطول على الشقي بها الشقاء

    أأرغب أن أعـــيش أرى بناتي *** عواري قد أضــر بها الحفاء

    خوادم بـــنت من قد كان أعلى *** مراتبه - إذا أبدو – النــــداء

    وطردُ الناس بين يدي مروري *** وكفَّـــهُمُ إذا غُـــصَّ الفــــناء

    وركـــــضٌ عن يمين أو شمال *** إذا اختـــل الأمــام أو الوراء

    ولـــكن الـــدعاء إذا دعــــــــاه *** ضـــمير خــالص نفع الدعاء

    جـــُزيت أبا العــــلاء جزاء بَرٍ *** نوى بِراً وصاحَبَــــك العلاء

    سيســـلي الكل عما فـات علمي *** بأن الكـــل يـــدركه الفـــناء


    ومن حسن حظه أن الزمن لم ينتزع وفاء شاعره إبن اللبانة وهو أبو بكر محمد بن عيسى
    المعروف بابن اللبانة ، فقد كان يزوره حتى بعد أسره وكان يمدحه بقصائد مبكيات كما أنه رثاه
    بعد موته ووقف عند قبره بعد موته وقال هذه القصيدة :

    ملكَ المـــلوك أســــامعٌ فأنـــادي *** أم قد عداك عن الجواب عوادي

    لما خلـت منك القصور، ولم تكن *** فـــيها، كما قد كنـت في الأعيادِ

    فمثـُلتُ في هذا الثرى لك خاضعاً *** وأخذت قبرك مـــوضع الإنشاد

    قد كنــــت أحسب أن تبدد أدمعي *** نيران حزن أضرمت بفــــؤادي

    عهــدي بملكك وهو طلقٌ ضاحكٌ *** متهـــللُ الصـــفـحات للقُصـــَّاد ‏

    والأمرُ أمــــــرُك والزمان مبشِّرٌ *** بمــمـــالــكٍ قد أذعـــنت وبــلادِ


    و قال في قصيدة أخرى :

    انفُـــض يـدَيك من الدنيا وساكـــنها *** فالأرض قد أقفرت والناس قد ماتوا

    طــوت مظــلتــها لا بل مـذلـــتـــها *** مــن لم تــزل فــوقه للـــعز رايـات

    وقل لــعالَمها الأرضـي قد كتـــمت *** ســـريرةَ العـــالم العُــلوي أغــماتُ

    من كان بين النــــدا والبأس أنـصله *** هنــديـة وعـــطايـــاه هُــنــــيـــدات

    رمـــاه من حيث لم تستره سابــــغة *** دهــرٌ مصيــباته نَبـــلٌ مصيــــبات

    لهـــفــي عـــلى آل عبـــاد فإنـــهــم *** أهــلة ما لهـــا فـــي الأفق هــالات

    تمـــسكـت بعـــرى الـــلذات ذاتــهم *** يا بــئس ما جنــت اللــذات والذات

    فجعـــتَ مــنها بإخـوان ذوي ثقــــة *** فاتــوا وللــدهر في الإخـوان آفات

    واعتضت في آخر الصحراء طائفة *** لــغاتهم في جـــميع الــكتـب ملغاة




    و عندما أحس ابن عباد بدنو أجله رثى نفسه بقصيدة وطلب أن تكتب على قبره ويقال أنها لا
    زالت حتى الآن :


    قبر الغريب سقاك الـــرائــح الغـــادي *** حقاً ظـــــفرت بأشلاء ابن عــــــبادِ

    بالحـــلم بالعـــلم بالنــعمى إذا اتصلت *** بالخصب إن أجدبوا بالري للصادي

    بالطــاعن الضارب الرامي إذا اقتتلوا *** بالموت أحمر، بالضرغـامة العادي

    بالــــدهر في نــقم بالبحـــر في نعـــم *** بالبـــدر في ظلم بالصدر في النادي

    نعــــم هو الحــــق حابـــاني به قــدر *** مـــن الســماء فــــوافــاني لمــــيعادِ

    ولم أكن قبـــل ذاك النــعـــــش اعلمه *** أن الجــــبال تهــــادى فـــوق أعوادِ

    كفـــاك فارفق بما استودعت من كرم *** رواك كــــل قطـــــوب البرق رعادِ

    يــبكي أخـــا الـــذي غــيــبت وابـــله *** تحـــت الصفـــيح بدمــع رائح غادي

    حتى يجودك دمـــع الطـــل منهمـــرا *** مـــن أعين الــزهر لم تبـخل بإسعادِ

    ولا تـــزال صـــلاة الله دائــــمــــــــة *** على دفيــــــنك لا تحـــــصى بتعدادِ



    أتمنى أنكم استمتعتم بما نثرته لكم ،،



    تقبلوا تحياتي ،،
     
  2. رائد الفصل

    رائد الفصل مشرف سابق

    انضم:
    ‏29 يوليو 2008
    المشاركات:
    396
    الوظيفة:
    أكتب معكم
    الإقامة:
    بينكم
    التقييمات:
    +1 / 0 / -0
    رائع:)

    والأروع هو كاتبه

    لا عدمنا قلمك:)
     
  3. عمر الجبري

    عمر الجبري مدير سابق

    انضم:
    ‏19 سبتمبر 2007
    المشاركات:
    7,345
    الإقامة:
    ليالي نجد ما مثلك ليالي
    الصفحة الرئيسية:
    التقييمات:
    +17 / 0 / -0
    تسلم يدك يا مشاري :)

    ذكرتني بأخونا المعتمد اللي له وحشة والله وطالت غيبته !!

    تحياتي :وردة:
     
جاري تحميل الصفحة...
مواضيع شبيهة - قرأت لكم المعتمد بن عباد ،،
  1. عبادي
    الردود:
    2
    المشاهدات:
    2,091
  2. Mayar Mamdouh
    الردود:
    0
    المشاهدات:
    43
  3. D.m.H
    الردود:
    5
    المشاهدات:
    5,152
  4. the kid
    الردود:
    1
    المشاهدات:
    4,463
  5. مهندس محمد صالح
    الردود:
    2
    المشاهدات:
    2,475
  6. فارس العلم
    الردود:
    12
    المشاهدات:
    5,431
  7. فارس العلم
    الردود:
    2
    المشاهدات:
    642
  8. وادي الظهران
    الردود:
    8
    المشاهدات:
    1,530
  9. دمام بوي
    الردود:
    5
    المشاهدات:
    1,501
  10. وسيم عازب
    الردود:
    26
    المشاهدات:
    1,719

مشاركة هذه الصفحة